أصبحت حياة ما بعد التخرج هاجساً أمام أحلام كثيراً من
شبابنا هذه الأيام
فعام بعد عام نرى ونشاهد الكم الهائل من الشباب المضافين
إلى قائمة " شباب البطاله "
فمن خلال مراحل الدارسه تتردد كثيراً حينما يُقال لك ماذا تفكر أن تفعل بعد التخرج من الدراسه ..؟
فمن خلال مراحل الدارسه تتردد كثيراً حينما يُقال لك ماذا تفكر أن تفعل بعد التخرج من الدراسه ..؟
يصيب بعض الشباب القلق بعد التخرج وإنهاء الدراسة
الجامعية، فالشاب مقبل على مرحلة جديدة من الحياة، يحتاج فيها إلى معرفة مهارات
تكوين مستقبله المهني، وتبني قناعات عملية للإنفاق والادخار، ولذا سنحاول في هذا
المقال أن نوضح بعض الطرق العملية التي تساعد الشاب في حياته.
1.تحرَّ الكسب الحلال:
إن المال هو عصب الحياة، فهو عمود من أعمدة النجاح،
وركيزة من ركائز التطور والتفوق؛ ولذا جاء الشرع الحنيف ليحث المؤمن على حيازة
المال الذي يقيم به أوده، ويسد به فاقته، ويكف نفسه وأولاده عن سؤال غيره، حتى صار
لنا في تاريخ الإسلام منارات مضيئة، ومعالم مشرقة، فكان من بين صحابة النبي صلى
الله عليه وسلمعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وغيرهما من كبار الصحابة رضي
الله عنهم أجمعين، الذين جمعوا أموالهم بالحلال، وأنفقوها في طاعة الله تعالى.
كان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يقول: (يا حبذا
المال، أصون به عرضي، وأُرضي به ربي) [أدب الدنيا والدين، الماوردي، ص(416)] فما
كان المال إلا وسيلة لحفظ العرض ورضا الرب؛ ولا يكون حفظ العرض ورضا الرب إلا
بالكسب الحلال الطيب.
الكسب الحرام شؤم على صاحبه:
وكما إن الكسب الطيب والمال الحلال ينير القلب، ويزيد
البركة في الرزق، به تستكين النفوس، وتطمئن القلوب، فيه رضا الله على العبد، وبه
يوفِّق العبد إلى الطاعات والنجاحات؛ فإن الكسب الحرام شؤم على صاحبه في الدنيا
والآخرة، فقد ذكر صلى الله عليه وسلم (الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى
السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذى بالحرام؛ فأنى
يستجاب لذلك) [رواه مسلم].
من أين اكتسبته وفيما أنفقته؟
إن هذا المال الذي تكسبه هو أمانة أودعها الله تعالى في
عنقك، و سوف يأتي يوم تقف فيه بين يديه، ليحاسبك عليها يوم القيامة، وكما قال الشاعر:
المال يذهب حله وحرامـه يومـًا وتبقى في غـد آثامـه
ليس التقـي بمتــقٍ لإلهـه حتى يطيب شرابه وطعامه
وسائل الكسب الطيب:
ومن أراد أن يكون كسبه طيبًا فعليه أن يحفظ خمسة أشياء:
1. أن لا يؤخر شيئًا من فرائض الله تعالى
لأجل الكسب، ولا يدخل النقص فيها.
2. أن لا يؤذي أحدًا من خلق الله تعالى لأجل
الكسب.
3. أن يقصد بكسبه استعفافًا لنفسه ولعياله،
ولا يقصد به مجرد الجمع والكثرة.
4. أن يتجنب المعاملات المحرمة ففي المباح
الخير الكثير.
5. أن لا يرى رزقه من الكسب، بل يرى الرزق من
الله تعالى والكسب سببًا.
الواجب العملي:
1.
راجع جميع مصادر كسبك وتأكد من طيبها.
2. زد من قدرتك على الكسب:
ليس هناك من شكٍّ في أن العمل الجاد ضرورة، وأمرٌ في غاية
الأهمية، ولكن هل العمل الجاد وحده قادرٌ على أن يجعلك غنيًّا؟ لا أعتقد ذلك،
والأدلة على ذلك كثيرة؛ فلو أن العمل الجاد يستطيع وحده أن يزيد من دخل الإنسان،
ويرفع مستوى معيشته؛ لكان أكثر من نصف العالم أغنياء!
فنحن نرى الناس كل صباحٍ وقد استيقظوا مبكرًا، وتوجهوا
إلى أعمالهم، وعملوا بكدٍّ واجتهاد، ولكننا لا نراهم كلهم أغنياء، بل إن كثيرًا
منهم ليشكوا من أنه يعمل بجدٍّ ولساعاتٍ طويلة، ولكنه لا يستطيع أن يدبر شئون
حياته، أو بالكاد يستطيع أن يدبرها.
وبالمقابل، ترى كثيرًا من الأغنياء، يعمل الواحد منهم
ساعات قليلة، ولكنه يحصل على المال الكثير، ويرفع من قدرته على الكسب بشكلٍ ملحوظ،
فما السر يا ترى؟!
تعلم كيف تستثمر المال بشكل فعال؟
هناك حقيقة تقول: (يجب أن تعمل بمقدار ريال، لكي تكسب
ريالًا)، وما من شك في أنها حقيقة صحيحة، ولكنها ليست تامة، بمعنى أنها لم تذكر
ماذا عساك أن تفعل بهذا الريال الذي كسبته؟
وعندما تعرف كيف تستثمر هذا الريال استثمارًا جيدًّا،
حينها ستنتقل من العمل المجهد إلى العمل الذكي الذي يدر عليك الربح الوفير، فعليك
ابتداء أن تعمل بجدٍّ من أجل أن تكسب المال، ولكن هذا في حياة الأغنياء واقعًا
مؤقتًا، فهم يوقنون تمامًا أنه يجب أن تعمل بجدٍّ حتى يتمكن مالك من أن يعمل عنك
ويحل محلك.
ماذا أعددت لمستقبلك؟
-->
يفكر الناجحون دائمًا على مستوى بعيد المدى، فهم يوازنون
بين نفقات اليوم، واحتياجات الغد، فالمستقبل سوف يكون يومًا ما هو الحاضر، فماذا
ادخر كل واحد منا لمستقبله؟
فانظر كم سيكون لمدخراتك من أثر في المستقبل إن أنت قمت
باستثمارها في الحاضر أحسن الاستثمار، وبالتالي تُؤَمِّن جزءًا من احتياجات
المستقبل، وتجعل لك دخلًا يعينك على سداد احتياجاتك ومصاريفك.
الواجب العملي:
1. استثمر ما تقوم بادخاره في مشروعاتٍ أخرى،
أو اشتر به عقاراتٍ أو أراضٍ تدر عليك ربحًا عند بيعها.
2. ادخر شهريًّا مبلغًا من المال يمكنك من
شراء منزلك الذي ستسكن فيه حينما تتزوج.
3. اجعل لنفسك صندوق مدخرات مالية تعينك على
سداد احتياجاتك في المستقبل.
4. تذكر أن (الأغنياء يتركون أموالهم تعمل
بجد من أجلهم) [أسرار عقل المليونير، ت. هارف إيكر، ص(184)].
3.تبنََّ القناعات المالية العملية:
(إنَّ الإسلام يدعو إلى الكسب الشريف، وإلى
جمع المال الشريف، وإنفاقه في الوجهالشريف، ليكون العبد عزيزًا بماله) [لا تحزن، د.عائض
القرني، ص(29)].
إن المال هو عصب الحياة، به تحل كثير من المشاكل، ولكنه
أيضًا يسبب القلق والاضطراب لكثير من الناس، (ففي إحصاء نشرته إحدى الصحف تبين أن 70%
من مشاكل الناس وقلقهم سببه المال، بل ويظن البعض أن الحل في زيادة الدخل فقط.
ولكن ليس ذلك بالصحيح، فقد توصل "جورج جالوب" في
هذا البحث: أن معظم الناس يظنون أن زيادة دخلهم بنسبة 10% ستحل كل مشاكلهم، لكن
هذا غير صحيح في معظم الحالات؛ لأن كل زيادة في الدخل يقابلها زيادة في الإنفاق
أكبر، وعودة القلق والمشاكل من جديد) [دع القلق وابدأ الحياة، ديل كارنيجي، ص(235)،
بتصرف].
إذًا؛ فالحل ليس فقط في زيادة الدخل، ولكن في تغيير
قناعاتنا المالية، واكتساب قناعات مالية عملية.
اصنع سجلًّا لنفقاتك:
هل تعرف "جون د. روكفلر"؟ إنه ببساطة أحد أكثر
رجال الأعمال ثراءً في القرن العشرين، هل تعرف أيضًا أنه كان يحتفظ بسجل نفقاته
حتى بعد أن حاز من المال الكثير؟ حتى إنه كان يعرف مصير كل سِنْتٍ أنفقه كل يوم،
وهذه قناعتك الأولى نحو التحكم السليم والتوظيف الجيد لأموالك ومدخراتك، أن تعمل
على ضبط ميزانيتك؛ حتى تتعرف على المواطن التي تنفق فيها من مالك.
اشترِ ما تحتاجه فقط:
هل تذكر يومًا ذهبت فيه إلى المتجر وقمت بشراء منتجٍ
استخدمته لأيام ثم لم تستخدمه مرة أخرى؟ إنها تلك القصة المتكررة، وهي أننا ننفق
الكثير من المال في شراء أشياء لسنا في حاجة إليها، وتلك هي القناعة الثانية التي
يجب أن ترسخ في أذهاننا، فنحن في حاجةٍ ماسةٍ إلى أن نعيد التفكير في عاداتنا
الشرائية، فلسنا في حاجة أن نشتري ما لا نحتاجه لمجرد رغبتنا في تملكه!
احذر من الاستدانة:
ربما يذكر كثير منا آباءه وأجداده، يوم لم يكن هناك أنظمة
تقسيطٍ أو بطاقات ائتمان، حيث كانوا يتبنون نظرية مفادها: أن الدين من أبرز أسباب
الإجهاد العاطفي والنفسي في حياة الإنسان، ولكن حينما صار شعارنا: (اشتر الآن،
وادفع فيما بعد)، ومع إغراءات السلع والمشتريات، أثقلت تلك الديون كاهل الكثيرين
منا؛ حتى صارت حملًا تنوء به الجبال، فإن الدَّين همٌّ بالليل وذل بالنهار.
وهذه هي القناعة المالية الثالثة التي يجب أن نحرص عليها،
وهي السعي الدائم للتحكم في ديوننا، وأن يكون شعارنا الدائم: (أنا إن غلا عليَّ
شيء تركته)، فإن لم تستطع ضبط ميزانيتك أو تغيير عاداتك الشرائية؛ فلا أقل من أن
تمنع تراكم الديون عليك.
اقتطع جزءًا من دخلك الشهري:
والآن، دعني أضرب لك مثالًا، لو أن عندك سلة فواكه سعتها 10
تفاحات، وفي صباح كل يوم تملأ السلة بتلك التفاحات العشرة، ثم تأخذ منها في كل
مساء تسع تفاحات، فكم تفاحة ستتبقى بعد عشرة أيام؟ ستتبقى عشر تفاحات، أي أن السلة
ستكون ممتلئة تمامًا بالتفاحات العشرة.
وهكذا تكون محفظة كل واحد منا حين يقتطع من ميزانيته
الشهرية 10% كل شهر، فيحصل سنويًّا على مدخرات أكثر من ميزانية شهر كامل، وبهذا
نكون قد أضفنا إلى قناعاتنا المالية القناعة الرابعة، ادخر 10% من ميزانيتك
الشهرية كل شهر.
الواجب العملي:
1. قم بإعداد مفكرةٍ صغيرةٍ تكتب بها ما يتم
انفاقه يوميًّا من المال، وفي نهاية كل شهر، قم بتقسيم ورقة من ورقات هذه المفكرة
إلى قسمين، تكتب في القسم الأيمن (الإيرادات)، وفي القسم الأيسر (المصروفات).
2. خصِّص يومًا واحدًا كل أسبوع لعمل كل
المشتروات فيه؛ بحيث تضمن أن تكون المشتروات بالكمية التي تكفي حاجتك، وتتناسب مع
ميزانيتك، وقبل أن تشتري أي سلعة، توقف للحظة واسأل نفسك: ما الفائدة من شراء هذه
السلعة؟
3. عندما تذهب إلى المتجر، لا تختر أشهر
الماركات العالمية بمجرد وقوع بصرك عليها، تجول في المتاجر الأخرى أولًا، وراقب
الأنواع والأسعار، وتخير بعدها الأفضل والأرخص.
4. وأخيرًا، عليك بحسن التوكل على الله، وحسن
السعي في الرزق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق